حديث الروح وخلجات النفس .... الجزء الرابع :
( رغم سنوات الغياب عن مصر التي طالت ، وتبدلت خلالها أشياء وبقي القليل لم تصبه تلك السنة الالهية ، حرصت على عدة أشياء أقرب الى التقليد أو النسك ، منها حرصي على زيارة عدد محدود من بيوت الله ، وخاصة في القاهرة ، والسير في شوارع المدينة العريقة والتمعن في جمال مبانيها وخاصة تلك المحاصرة بين ميدان التحرير وميداني العتبة / " الاوبرا " ورمسيس والتوقف عند كثير من مكتباتها وبعض متاحفها ، الا أنني كنت حريصا دوما على زيارة قبري سيدنا "الامام الحسين " رضي الله عنه وأرضاه وضريح الرئيس "جمال عبد الناصر " في منطقة منشية البكري ... حيث كنت ولا زلت أجد ثمة علاقة قوية بين الامام والرئيس ، وهو ما كشفت عنه الوثائق والرويات والكتب ذات الطابع الانساني بعد مغادرة الرئيس لدنيانا ، فقد جاءت شهادات كثيرة ومتعددة على قيام " ناصر " بزيارات ليليلة وقبل صلاة الفجر لمسجد الامام الحسين وقراءة الفاتحة والصلاة في رحابه والتنسك بالقرب من مقامه ، بل أن عدد من المعاصرين يضيفون الى زيارة مسجد الامام ، مسجدي السيدة " زينب " الشقيقة الكبيرة للامام والكائن في الحي الذي يحمل اسمها الطاهر في قلب القاهرة وغير بعيد من مقام شقيقها الحبيب ،فضلا عن حرص الرئيس على زيارة مسجد الامام العارف بالله سيدي " السيد البدوي " الكائن في قلب طنطا عاصمة محافظة الغربية ، وان كان دون انتظام يماثل ذلك المتبع مع مسجد سيدنا الامام الحسين ....
المهم ... في زيارة من تلك الزيارات السنوية الى" قاهرة المعز" كان معي كل أبنائي ، وحرصت حينها على صحبتهم لي في ذلك التقليد الموصوف مني بالنسك ، فقد افتتحنا المسير بزيارة ضريح الرئيس " جمال " بحكم أنه الأقرب الى حيث نقيم .... حينها أدينا صلاة العصر في مسجده المقام بأموال الفقراء البسطاء المتبرعين لجمعية خيرية أنشأها الرئيس وحملت اسم الخليفة الاول ، سيدنا " أبو بكر " خليفة رسول الله ، عليه الصلاة وأتم السلام ، ثم توجهنا فورا قاصدين التوجه الى مسجد الامام الحسين ، غير أن خاطرا قويا دفعني الى الاقتراح عليهم ، خاصة وقد وصلنا قبل صلاة المغرب بنحو ساعة ، الى زيارة الجامع "الأزهر الشريف " وما أن دخلنا الى باحة المسجد ومشينا بضع خطوات في صحنه الطاهر ، حتى تكاثر على مسامعي وأمام عيني ذلك التاريخ العريق الذي يحيط بذلك الصرح العتيق ....
فقد بادرني أكبر أبنائي بما يفيد من أن الجامع الأزهر ، هو أقدم جامعة متصلة في التاريخ ، لم ينقطع دورها التعليمي والتربوي منذ أكثر من ألف عام ، ولا توجد جامعة على وجه الأرض تحظى بهذا الفضل ، غير ان ابنتي " الذكية المثقفة " ؟؟؟ وبلهجة واضحة غايتها اثبات الوجود المعرفي والثقافي ، أن سارعت بالقول موجهه حديثها الي شقيقها واليٌ ، مذكرة اياه ، بأن عمر هذا المسجد يفوق الآن الالف عام وأردفت بالقول للدلالة على صحة ماتقول : بأنها قرأت منذ أيام ، مجلدا فخما ورائعا صدر في عام 1969 عنوانه " القاهرة في ألف عام " وقد أصدرته هيئة الكتاب المصرية بمناسة مرور ، ألف سنة على بناء المسجد الأزهر ، ثم اقيمت القاهرة في رحابه الطاهرة ..... غير أنني حاولت أن أضيف ما يفيد بان ما يقوله كل منكم صحيح ، ربما أعرف بعضه ولا أدعي معرفة كله ، الا أنني أقول لكم ، اذا صح القول على أن هو " الأزهر " أقدم جامعة في العالم ، فان أقدم مسجد في قارة أفريقيا هو ، مسجد " عمرو بن العاص " فقد بناه هذا الصحابي الجليل عام 643 ميلادية اثر دخوله مصر ، وبتوجيه الخليفة العادل " عمر بن الخطاب " ...... ولسماحة الاسلام وعظمته أن جاء البناء مجاورا للكنيسة المعلقة احدى الكنائس ، أو قل المزارات والأماكن الطاهرة التي حطُت بها العائلة المقدسة ، سيدنا المسيح عليه السلام وأمه "مريم العذراء" البتول ويوسف النجار .... هنا تدخل ابني الثاني ، وأضاف من عنده مايفيد ، بأن ثمة معبد يهودي يجاور المسجد والكنيسة !!!! ....
عندما ترافقت تلك المعلومات وجاءت تترى واحدة اثر أخرى ، أن سرحت بعيدا باحثا عن دلالات تلك النعمة بل النعم التي منحها الله لهذا البلد على طول الزمن ، فمنذ ابراهيم الخليل حتى " محمد " الصادق الأمين لم تنقطع آيات الرحمة ولم ينقطع فيضها ، فقد تعددت الصور وتنوعت البركات ، لكنها ظلت على الدوام منحة ربانية دائمة لذلك البلد المٌؤمن ببركة الله ، ثم أوليائه الصالحين والملايين من أبناءه الطيبين ....
غير أنه ولكي يكتمل المشهد جمالا ، وبعد أن أدينا صلاة المغرب مع جموع المصلين في جو نادر من الخشوع ، آثر ابني الصغير الذي يحمل من اسمه دلالات البهاء والجمال ، أن يشارك أشقائه بعض مما قيل ، قائلا لي " لقد شاهدت فيلم ناصر 56 ، وهو يحكي عن معركة مصر ضد العدوان الثلاثي في عام 1956 ، لقد شاهدت هذا المنبر ، يقف عليه الرئيس جمال عبد الناصر يعلن التصميم على القتال ورفض الانصياع والاستسلام لبريطانيا وفرنسا واسرائيل " ثم سكت الصغير " النبيل " !!!! بضع لحظات ، متوجها الى المنبر التاريخي العريق المجيد لامسا بيديه اياه ، مستئذنا حارس المسجد بالوقوف حيث خاطب " ناصر" الشعب المصري والعربي والعالم آنذاك ....
الوقت حينها داخل المسجد وفي صحنه وأروقته كان يسمح بالحوار والجلوس والاستماع بعضنا لبعض ، كانت مساجلة ثقافية وتاريخية ، والله لا أنسى جمالها حتى هذه اللحظة ، فالجميع بدا لي مشاركا وفاعلا ومكملا للمشهد بكل تجلياته ..... سمح امام المسجد الهادئ الطيب ،الذي انعكست عليه عشرة المكان على ملامح وجهه النبيل ، أن يقف ابني الصغير ويرتقي درجات المنبر حيث أرتقى منذ نحو نصف قرن ذات المنبر: عبدا زاهدا مؤمنا اسمه " جمال عبد الناصر " ...
حينها أوشك الوقت على الاقتراب من دخول صلاة العشاء ، وقبل أن يزدحم المسجد العريق بالمصلين القادمين ، سارعنا بالتوجه الى مسجد " الامام الحسين " لنلحق بالصلاة في أكثر الأماكن محبة الى قلبي بعد الحرم المكي ومسجد رسول الله ...أليس ذلك المكان الذي يسجى فيه رأس أعز من أحب نبي الرحمة !!!!! ، لقد احتسب الجد حفيده شهيدا عند الله ، وتوقع مقتله وحدد مكانته في العليين حيث يبعث كل طيب أمين باذن الله ، .... فقد قتلته الفئة الباغية ، رمز القهر والاستبداد والضلال والطغيان ... ليبقٌى " الحسين " على مٌر السنون والعقود والقرون ، بل والزمان ، رمزا للمحبة والسلام ولكل الباحثين : " على لقاء بارئهم بصفحات ناصعة بيضاء وقلب طاهر شريف "...
صلاح زكي أحمد ... 25= 2= 2013
( رغم سنوات الغياب عن مصر التي طالت ، وتبدلت خلالها أشياء وبقي القليل لم تصبه تلك السنة الالهية ، حرصت على عدة أشياء أقرب الى التقليد أو النسك ، منها حرصي على زيارة عدد محدود من بيوت الله ، وخاصة في القاهرة ، والسير في شوارع المدينة العريقة والتمعن في جمال مبانيها وخاصة تلك المحاصرة بين ميدان التحرير وميداني العتبة / " الاوبرا " ورمسيس والتوقف عند كثير من مكتباتها وبعض متاحفها ، الا أنني كنت حريصا دوما على زيارة قبري سيدنا "الامام الحسين " رضي الله عنه وأرضاه وضريح الرئيس "جمال عبد الناصر " في منطقة منشية البكري ... حيث كنت ولا زلت أجد ثمة علاقة قوية بين الامام والرئيس ، وهو ما كشفت عنه الوثائق والرويات والكتب ذات الطابع الانساني بعد مغادرة الرئيس لدنيانا ، فقد جاءت شهادات كثيرة ومتعددة على قيام " ناصر " بزيارات ليليلة وقبل صلاة الفجر لمسجد الامام الحسين وقراءة الفاتحة والصلاة في رحابه والتنسك بالقرب من مقامه ، بل أن عدد من المعاصرين يضيفون الى زيارة مسجد الامام ، مسجدي السيدة " زينب " الشقيقة الكبيرة للامام والكائن في الحي الذي يحمل اسمها الطاهر في قلب القاهرة وغير بعيد من مقام شقيقها الحبيب ،فضلا عن حرص الرئيس على زيارة مسجد الامام العارف بالله سيدي " السيد البدوي " الكائن في قلب طنطا عاصمة محافظة الغربية ، وان كان دون انتظام يماثل ذلك المتبع مع مسجد سيدنا الامام الحسين ....
المهم ... في زيارة من تلك الزيارات السنوية الى" قاهرة المعز" كان معي كل أبنائي ، وحرصت حينها على صحبتهم لي في ذلك التقليد الموصوف مني بالنسك ، فقد افتتحنا المسير بزيارة ضريح الرئيس " جمال " بحكم أنه الأقرب الى حيث نقيم .... حينها أدينا صلاة العصر في مسجده المقام بأموال الفقراء البسطاء المتبرعين لجمعية خيرية أنشأها الرئيس وحملت اسم الخليفة الاول ، سيدنا " أبو بكر " خليفة رسول الله ، عليه الصلاة وأتم السلام ، ثم توجهنا فورا قاصدين التوجه الى مسجد الامام الحسين ، غير أن خاطرا قويا دفعني الى الاقتراح عليهم ، خاصة وقد وصلنا قبل صلاة المغرب بنحو ساعة ، الى زيارة الجامع "الأزهر الشريف " وما أن دخلنا الى باحة المسجد ومشينا بضع خطوات في صحنه الطاهر ، حتى تكاثر على مسامعي وأمام عيني ذلك التاريخ العريق الذي يحيط بذلك الصرح العتيق ....
فقد بادرني أكبر أبنائي بما يفيد من أن الجامع الأزهر ، هو أقدم جامعة متصلة في التاريخ ، لم ينقطع دورها التعليمي والتربوي منذ أكثر من ألف عام ، ولا توجد جامعة على وجه الأرض تحظى بهذا الفضل ، غير ان ابنتي " الذكية المثقفة " ؟؟؟ وبلهجة واضحة غايتها اثبات الوجود المعرفي والثقافي ، أن سارعت بالقول موجهه حديثها الي شقيقها واليٌ ، مذكرة اياه ، بأن عمر هذا المسجد يفوق الآن الالف عام وأردفت بالقول للدلالة على صحة ماتقول : بأنها قرأت منذ أيام ، مجلدا فخما ورائعا صدر في عام 1969 عنوانه " القاهرة في ألف عام " وقد أصدرته هيئة الكتاب المصرية بمناسة مرور ، ألف سنة على بناء المسجد الأزهر ، ثم اقيمت القاهرة في رحابه الطاهرة ..... غير أنني حاولت أن أضيف ما يفيد بان ما يقوله كل منكم صحيح ، ربما أعرف بعضه ولا أدعي معرفة كله ، الا أنني أقول لكم ، اذا صح القول على أن هو " الأزهر " أقدم جامعة في العالم ، فان أقدم مسجد في قارة أفريقيا هو ، مسجد " عمرو بن العاص " فقد بناه هذا الصحابي الجليل عام 643 ميلادية اثر دخوله مصر ، وبتوجيه الخليفة العادل " عمر بن الخطاب " ...... ولسماحة الاسلام وعظمته أن جاء البناء مجاورا للكنيسة المعلقة احدى الكنائس ، أو قل المزارات والأماكن الطاهرة التي حطُت بها العائلة المقدسة ، سيدنا المسيح عليه السلام وأمه "مريم العذراء" البتول ويوسف النجار .... هنا تدخل ابني الثاني ، وأضاف من عنده مايفيد ، بأن ثمة معبد يهودي يجاور المسجد والكنيسة !!!! ....
عندما ترافقت تلك المعلومات وجاءت تترى واحدة اثر أخرى ، أن سرحت بعيدا باحثا عن دلالات تلك النعمة بل النعم التي منحها الله لهذا البلد على طول الزمن ، فمنذ ابراهيم الخليل حتى " محمد " الصادق الأمين لم تنقطع آيات الرحمة ولم ينقطع فيضها ، فقد تعددت الصور وتنوعت البركات ، لكنها ظلت على الدوام منحة ربانية دائمة لذلك البلد المٌؤمن ببركة الله ، ثم أوليائه الصالحين والملايين من أبناءه الطيبين ....
غير أنه ولكي يكتمل المشهد جمالا ، وبعد أن أدينا صلاة المغرب مع جموع المصلين في جو نادر من الخشوع ، آثر ابني الصغير الذي يحمل من اسمه دلالات البهاء والجمال ، أن يشارك أشقائه بعض مما قيل ، قائلا لي " لقد شاهدت فيلم ناصر 56 ، وهو يحكي عن معركة مصر ضد العدوان الثلاثي في عام 1956 ، لقد شاهدت هذا المنبر ، يقف عليه الرئيس جمال عبد الناصر يعلن التصميم على القتال ورفض الانصياع والاستسلام لبريطانيا وفرنسا واسرائيل " ثم سكت الصغير " النبيل " !!!! بضع لحظات ، متوجها الى المنبر التاريخي العريق المجيد لامسا بيديه اياه ، مستئذنا حارس المسجد بالوقوف حيث خاطب " ناصر" الشعب المصري والعربي والعالم آنذاك ....
الوقت حينها داخل المسجد وفي صحنه وأروقته كان يسمح بالحوار والجلوس والاستماع بعضنا لبعض ، كانت مساجلة ثقافية وتاريخية ، والله لا أنسى جمالها حتى هذه اللحظة ، فالجميع بدا لي مشاركا وفاعلا ومكملا للمشهد بكل تجلياته ..... سمح امام المسجد الهادئ الطيب ،الذي انعكست عليه عشرة المكان على ملامح وجهه النبيل ، أن يقف ابني الصغير ويرتقي درجات المنبر حيث أرتقى منذ نحو نصف قرن ذات المنبر: عبدا زاهدا مؤمنا اسمه " جمال عبد الناصر " ...
حينها أوشك الوقت على الاقتراب من دخول صلاة العشاء ، وقبل أن يزدحم المسجد العريق بالمصلين القادمين ، سارعنا بالتوجه الى مسجد " الامام الحسين " لنلحق بالصلاة في أكثر الأماكن محبة الى قلبي بعد الحرم المكي ومسجد رسول الله ...أليس ذلك المكان الذي يسجى فيه رأس أعز من أحب نبي الرحمة !!!!! ، لقد احتسب الجد حفيده شهيدا عند الله ، وتوقع مقتله وحدد مكانته في العليين حيث يبعث كل طيب أمين باذن الله ، .... فقد قتلته الفئة الباغية ، رمز القهر والاستبداد والضلال والطغيان ... ليبقٌى " الحسين " على مٌر السنون والعقود والقرون ، بل والزمان ، رمزا للمحبة والسلام ولكل الباحثين : " على لقاء بارئهم بصفحات ناصعة بيضاء وقلب طاهر شريف "...
صلاح زكي أحمد ... 25= 2= 2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق