حديث الروح وخلجات النفس ..... الجزء العاشر :
( بدا سيد العلماء يشارف النهاية في حديثة ، مطورا الفكرة التي بدأ بها كلامه ، ماسكا بعقولنا برفق وحنان من حيث بدأ الى حيث كنا ، اذ وعدنا الشيخ "محمد الغزالي" بالحديث عن من هم ليسوا بأنبياء ولكنهم في منزلة تلامس أصحاب الرسل ممن جاء الله على ذكرهم في كتابه الكريم ، فلم يذكر القرآن أحد منهم بالاسم مثل أسماء الأنبياء المرسلين والبالغ عددهم خمسة وعشرين نبيا ورسولا ، الا أنه بادر بالتمهيد لحديثه المتجدد بالمعرفة والمترع بالمحبة ، ..... فبعد أن حلت البركة بدعاء سيد العلماء ، في ما تناولناه من الماء والتمر ، تحدث الشيخ بعد أن أطرق بضع ثوان ناظرا الى سماء مسجد سيدنا الحسين ، قال : أحبائي ، أذكركم بما وعدتكم بالحديث عنهما ، أولا : ذلك العبد الصالح الذى التقى سيدنا موسى عليه السلام ، ونعرفه نحن باسم " سيدنا الخضر " ، أما العبد الصالح الثاني ، فهو ذلك المشارك في ملأ نبي الله سليمان واستشاره في مساعدته في دعوة ملكة سبأ الى كامل الاسلام وما يستطيع ان يقدمه في تلك الدعوة المباركة ..
الجميع التزم التسليم بما سوف يجود به الله على شيخهم من وافرالعلم ، وعليهم بوافر النعمة ، نعمة المعرفة والعمل بها باذن الله ، قال الشيخ النبيل " تعرفون جميعا أن نبي الله موسى عليه السلام أرسل الى بني اسرائيل بعد سنوات من الاضطهاد وصنوف من السخرة من فرعون وملأه لسنوات طوال ، وقيض لهم الله بعد العذاب مخرجا ، وانتقل بهم من مصر الى الأرض المباركة ، أرض فلسطين ، وكانت سيناء المصرية هي محطتهم الأولى في تلك الرحلة ، وهي مرحلة شهدت من صور التمرد والمعاناة على نبي الله ما ينوء به عزم أقوى الرجال وأشدهم صبرا واحتمالا ، وكان " موسى " بعون الله من ذلك الطراز من الأنبياء اولي العزم وهم الذين يذكرهم القرآن ويحددهم رسولنا الكريم بخمسة من الرجال وهم أنبياء الله صلوات الله عليهم " نوح وابراهيم وموسى وعيسى ونبينا المصطفى عليه الصلاة والسلام " .... ضاق هذا النبي الكريم ذرعا بأفاعيل قومه التي يأتي القرآن الكريم على ذكرها في العديد من سوره الكريمات ، حتى أننا نشفق على ما وقع بهذا النبي الصالح من أذى رغم تراكم العهود والقرون من هذا القوم اللئيم ، قتلة الأنبياء أبناء الجحود وأتباع الفرقة والكفر بالنعمة .... والحكاية يأحبائي تبدأ من عند موسى وفي صحراء سيناء ، حيث يقول القرآن الكريم في سورة البقرة ( واذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون ).... وكما هو واضح ياحبائي فان هذا النبي الكريم بعد أن لبى نداء ربه وذهب الى حيث الموعد الذي استمر أربعين ليلة وجد حال قومه غير الحال الذي تركه عليهم قبل أن يغيب عنهم ، فقد وجدهم أقرب الى الكفر بالنكوص الى عبادة الأوثان المشفوعة بالباطل والمغلفة بالحرام ، فلم يكتفوا بعبادة العجل بعد أن هداهم الله ، فقد ساقوا من المبررات ما أرادوا به الضلال حيث ادعوا أن صناعة العجل مباركه بأخذ قبضة من التراب الذي مسه جبريل عليه السلام ، ويتحدث السامري باسم من ضلوا فيقول لموسى عليه السلام كما جاء في سورة طه ( قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي ) ولم يكتفوا بهذا الحد من سوق الضلال ، بل كشفوا عن الحرام المصنوع به العجل المعبود لديهم ، حيث يبلغنا القرآن الكريم في سورة طه أيضا تبريرا وتضليلا ( قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامري ) ..... وهكذا يسوقون التزوير والتضليل واحدة اثر اخرى ، اذ يدعون أن نكوصهم الى الكفر لم يكن بأيديهم ولكنهم اجبروا عليه ، حيث زعموا أنهم أرادوا التطهر من سرقة زينة القوم ، أي المصريين ، من ذهب وفضة وكريم المعادن ، وذلك بحرقها وصنع العجل المعبود ، وفي كل الأحوال كانوا للسامري تابعين منقاضين مستسلمين للحرام !!!!
سكت سيد العلماء عما رصد من ضلال أهل الضلال ، وبدأ يمهد لدخول العبد الصالح في المشهد ، والذي رسمه الشيخ " الغزالي " بكل اقتدار ، حيث بادر بطرح السؤال المتوقع في هذه الحالة : ماهو حال هذا النبي الكريم ازاء هذا الموقف المعقد والمتمرد من قوم جاء اليهم بالهداية ، ففي سورة طه يبلغنا رب العرش العظيم بما ألمٌ من ألم بنبي الله الكريم ( فرجع موسى الى قومه غضبان أسفا ، قال ياقوم ألمٌ يعدكم ربكم وعدا حسنا ، أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي ) .... قمة الغضب يأحبائي كما ترون على ما جرى من هؤلاء القوم ، فليس بعد الكفر ذنب وليس بعد الجحود والضلال من هاوية !!!! بعدها كما يقول السلف وكتب التراث والسيرة ، دعا موسى عليه السلام قادة القوم ، بواقع شيخ أو مايقولون حبر من أحبارهم ، لكل فرع من بني اسرائيل لكي يعيدهم الى جادة الطريق ، وقد بلغ عددهم نحو سبعين اماما من أئمتهم ، تحدث " موسى " بقدر ما امتلأ قلبه بالغضب خوفا على دين الله والحرص على اكمال الرسالة التي انزلت عليه وكلف بها ، و بدت آنذاك في مهب الريح لولا رحمة من ربي ....
وقف موسى معتليا صخرة ، متوسطا خيمة كبيرة اعتاد كبار القوم الاجتماع بها مع رسولهم ، موجها كلمات غاضبة الى من أئتمنهم على قيادة القوم حين غاب أربعين ليلة داعيا اياهم مساعدة أخيه " هارون " عليه السلام والانصياع له ، لكن القوم نكصوا بالكفر وعادوا الى ضلالهم القديم !!!! قال هذا النبي الصالح ، " لقد تنكبتم الطريق ولم تحافظوا على أمانة السماء التي كلفني الرب بها ، وسوقتم الضلال فوق الضلال حتى بات ركاما فوق ركام ، فأصابكم غضب الرب وغضبي ، وأردف بالآية الكريمة من سورة طه ( ءانما ءالاهكم الله الذي لا ءاله ءالا هو وسع كل شيء علما ) وسكت موسى بعض الوقت الذي لم يتجاوز الثوان المعدودات ، الا انه وجد من انبرى من القوم ، من يرد عليه ويحاول كفرا وعنادا وجحودا أن يدافع عن الباطل وعظيم الضلال ؟؟؟ !!!! مما دفع عليه السلام الى الرد بغضب يتفق وجلال النبوة .... قال موسى كلاما قليلا حاسما ، أنهاه بما نقل عنه من كتب التراث والسيرة " أيها القوم ماذا أنتم فاعلون مع موسى أعلم أهل الأرض ، ألا تدركون ذلك ؟؟؟؟ وتعرفون ما أحمل لكم من علم وهداية لم يحملها أحد من العالمين ، أنا موسى ابن عمران وكفى " ... وقف شيخنا الجليل لكي يعقب على هذا الموقف الجلل ، قال الشيخ " محمد الغزالي " بعد قليل من الصمت " كما ترون يأحبائي أن الغضب قد تملك من نبي الله ، فبعد أن اتخذ قراراته بنسف العجل والالقاء به في عرض اليم ، وطرد السامري ،وبأمر من الرب من رحمة رب الأرباب ، عاد " موسى " الى الدفاع عن نفسه بارساء مكانته بين قومه والا ذهبت ريحه ، فهو يدرك غرورهم ويفهم طبائعهم ، فغاد يذكرٌ بما يملكه من المعرفة والعلم لهذا القوم الجحود !!! ، لكنكم يأحبائي تجدون أن الغضب أضاع على نبي الله ما كان واجبا أن يقوله عند ذكره نعمة العلم ، فلم يرجعه الى الله والي فضل وكرم ربه وربنا !!!
وعندما سكت الغضب عن نبي الله ، وأنفض الجمع وذهب كل من أئمة قومه الى كل قبيلة من قبائل بني اسرائيل يحادثونهم بما جرى ، أسدل الليل ستائره ، وبات الليل سجى ، تغشى النبي الكريم ، كليم الله ، النوم العميق ، فبعد يوم عاصف عنيف ما ذا نتوقع ان يلم بهذا الجسد الذي مهما تعاظم في قوة البنيان وسلامة القصد وحسن الطوية ، سوى النوم كما ننام ويخضع لرحمة الله كما تهجع كل الكائنات ، وكل من يملك نفسا وروحا ... لكن روح هذا النبي الذي وصفه الله بالوجيه في الدنيا والآخرة ، ألهمها الله بالرؤية المباركة التي تثبٌته على جادة الحق ، طريق الامتثال الى عبودية الله الكاملة ، وارجاع كل فضل اليه سبحانه ، فلا رزق الا بمشيئته ولا علم الا باذنه ، ولا رحمة الا منه سبحانه وتعالى ..... نام موسى فشهد خيرا ، كل الخير ، فلم يتركه الله يقع في الخطأ والعجلة ، فلن يضيعه أبدا ، فقد هدى برحمته من قبله ون بعده سائر الأنبياء والمرسلين ، آدم عندما أخطأ وطلب الخلد من غير الله ، ونوح عندما دعا ربه بالعفو على من لا يستحق العفو، وابراهيم عندما سئل ربه كيف يحيي الخلق ويعيد الحياة للموتى ، ويعقوب عندما اصطفى يوسف بحبه ، ويوسف عندما أخذ شقيقه في معيته خلافا لاخوته الذي كادوا له كيدا ....
سكت شيخنا وترك الجميع ليستوعبوا هذا الفيض الرباني الذي نزل على سيد العلماء ... الكل بدا في حالة من الذهول على تلك البركة التي عمت المكان ، هل هي بركة مقام سيدنا الحسين ؟ أم نعمة المعرفة التي أسبغها على الشيخ ؟ أم بركة المقام والعبد معا ؟؟؟؟ .... توقف النبيل الجميل " محمد الغزالي " عن الكلام وقال بكلمات تقطر حنانا وحبا " سامحوني يأحبائي ، فقد طال الحديث معكم باكثر مما كنت أقصد ، هل محبة فيكم ، أم هي بركة الجوار لسيد شهداء شباب الجنة ، أم هي رسالة أردت منها أن تكون رسالة وداع ؟؟؟؟ أسئلة كثيرة يأحبائي لا أعرف والله ردا عليها ، ومن وموقعي هذا استسمح محبتكم أن تعطوني المزيد من كرمكم ، المزيد من الوقت حتى أبلغ الغاية ويكرمني الله معكم وبدعائكم ... سكت الشيخ وسكتنا ، ومنحنا الشيخ بعض راحه كنا لا نسعى اليها من فيض علم لا يتوقف ولا نريد أن يتوقف ، غير أن المحبة لشيخنا والرفق به صحة وعافية سبقت كل اعتبار ، وبدا الجمع في انتظار رحلة العبد الصالح مع كليم الله .....)
صلاح زكي احمد..... 17=3=2013 .
( بدا سيد العلماء يشارف النهاية في حديثة ، مطورا الفكرة التي بدأ بها كلامه ، ماسكا بعقولنا برفق وحنان من حيث بدأ الى حيث كنا ، اذ وعدنا الشيخ "محمد الغزالي" بالحديث عن من هم ليسوا بأنبياء ولكنهم في منزلة تلامس أصحاب الرسل ممن جاء الله على ذكرهم في كتابه الكريم ، فلم يذكر القرآن أحد منهم بالاسم مثل أسماء الأنبياء المرسلين والبالغ عددهم خمسة وعشرين نبيا ورسولا ، الا أنه بادر بالتمهيد لحديثه المتجدد بالمعرفة والمترع بالمحبة ، ..... فبعد أن حلت البركة بدعاء سيد العلماء ، في ما تناولناه من الماء والتمر ، تحدث الشيخ بعد أن أطرق بضع ثوان ناظرا الى سماء مسجد سيدنا الحسين ، قال : أحبائي ، أذكركم بما وعدتكم بالحديث عنهما ، أولا : ذلك العبد الصالح الذى التقى سيدنا موسى عليه السلام ، ونعرفه نحن باسم " سيدنا الخضر " ، أما العبد الصالح الثاني ، فهو ذلك المشارك في ملأ نبي الله سليمان واستشاره في مساعدته في دعوة ملكة سبأ الى كامل الاسلام وما يستطيع ان يقدمه في تلك الدعوة المباركة ..
الجميع التزم التسليم بما سوف يجود به الله على شيخهم من وافرالعلم ، وعليهم بوافر النعمة ، نعمة المعرفة والعمل بها باذن الله ، قال الشيخ النبيل " تعرفون جميعا أن نبي الله موسى عليه السلام أرسل الى بني اسرائيل بعد سنوات من الاضطهاد وصنوف من السخرة من فرعون وملأه لسنوات طوال ، وقيض لهم الله بعد العذاب مخرجا ، وانتقل بهم من مصر الى الأرض المباركة ، أرض فلسطين ، وكانت سيناء المصرية هي محطتهم الأولى في تلك الرحلة ، وهي مرحلة شهدت من صور التمرد والمعاناة على نبي الله ما ينوء به عزم أقوى الرجال وأشدهم صبرا واحتمالا ، وكان " موسى " بعون الله من ذلك الطراز من الأنبياء اولي العزم وهم الذين يذكرهم القرآن ويحددهم رسولنا الكريم بخمسة من الرجال وهم أنبياء الله صلوات الله عليهم " نوح وابراهيم وموسى وعيسى ونبينا المصطفى عليه الصلاة والسلام " .... ضاق هذا النبي الكريم ذرعا بأفاعيل قومه التي يأتي القرآن الكريم على ذكرها في العديد من سوره الكريمات ، حتى أننا نشفق على ما وقع بهذا النبي الصالح من أذى رغم تراكم العهود والقرون من هذا القوم اللئيم ، قتلة الأنبياء أبناء الجحود وأتباع الفرقة والكفر بالنعمة .... والحكاية يأحبائي تبدأ من عند موسى وفي صحراء سيناء ، حيث يقول القرآن الكريم في سورة البقرة ( واذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون ).... وكما هو واضح ياحبائي فان هذا النبي الكريم بعد أن لبى نداء ربه وذهب الى حيث الموعد الذي استمر أربعين ليلة وجد حال قومه غير الحال الذي تركه عليهم قبل أن يغيب عنهم ، فقد وجدهم أقرب الى الكفر بالنكوص الى عبادة الأوثان المشفوعة بالباطل والمغلفة بالحرام ، فلم يكتفوا بعبادة العجل بعد أن هداهم الله ، فقد ساقوا من المبررات ما أرادوا به الضلال حيث ادعوا أن صناعة العجل مباركه بأخذ قبضة من التراب الذي مسه جبريل عليه السلام ، ويتحدث السامري باسم من ضلوا فيقول لموسى عليه السلام كما جاء في سورة طه ( قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي ) ولم يكتفوا بهذا الحد من سوق الضلال ، بل كشفوا عن الحرام المصنوع به العجل المعبود لديهم ، حيث يبلغنا القرآن الكريم في سورة طه أيضا تبريرا وتضليلا ( قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامري ) ..... وهكذا يسوقون التزوير والتضليل واحدة اثر اخرى ، اذ يدعون أن نكوصهم الى الكفر لم يكن بأيديهم ولكنهم اجبروا عليه ، حيث زعموا أنهم أرادوا التطهر من سرقة زينة القوم ، أي المصريين ، من ذهب وفضة وكريم المعادن ، وذلك بحرقها وصنع العجل المعبود ، وفي كل الأحوال كانوا للسامري تابعين منقاضين مستسلمين للحرام !!!!
سكت سيد العلماء عما رصد من ضلال أهل الضلال ، وبدأ يمهد لدخول العبد الصالح في المشهد ، والذي رسمه الشيخ " الغزالي " بكل اقتدار ، حيث بادر بطرح السؤال المتوقع في هذه الحالة : ماهو حال هذا النبي الكريم ازاء هذا الموقف المعقد والمتمرد من قوم جاء اليهم بالهداية ، ففي سورة طه يبلغنا رب العرش العظيم بما ألمٌ من ألم بنبي الله الكريم ( فرجع موسى الى قومه غضبان أسفا ، قال ياقوم ألمٌ يعدكم ربكم وعدا حسنا ، أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي ) .... قمة الغضب يأحبائي كما ترون على ما جرى من هؤلاء القوم ، فليس بعد الكفر ذنب وليس بعد الجحود والضلال من هاوية !!!! بعدها كما يقول السلف وكتب التراث والسيرة ، دعا موسى عليه السلام قادة القوم ، بواقع شيخ أو مايقولون حبر من أحبارهم ، لكل فرع من بني اسرائيل لكي يعيدهم الى جادة الطريق ، وقد بلغ عددهم نحو سبعين اماما من أئمتهم ، تحدث " موسى " بقدر ما امتلأ قلبه بالغضب خوفا على دين الله والحرص على اكمال الرسالة التي انزلت عليه وكلف بها ، و بدت آنذاك في مهب الريح لولا رحمة من ربي ....
وقف موسى معتليا صخرة ، متوسطا خيمة كبيرة اعتاد كبار القوم الاجتماع بها مع رسولهم ، موجها كلمات غاضبة الى من أئتمنهم على قيادة القوم حين غاب أربعين ليلة داعيا اياهم مساعدة أخيه " هارون " عليه السلام والانصياع له ، لكن القوم نكصوا بالكفر وعادوا الى ضلالهم القديم !!!! قال هذا النبي الصالح ، " لقد تنكبتم الطريق ولم تحافظوا على أمانة السماء التي كلفني الرب بها ، وسوقتم الضلال فوق الضلال حتى بات ركاما فوق ركام ، فأصابكم غضب الرب وغضبي ، وأردف بالآية الكريمة من سورة طه ( ءانما ءالاهكم الله الذي لا ءاله ءالا هو وسع كل شيء علما ) وسكت موسى بعض الوقت الذي لم يتجاوز الثوان المعدودات ، الا انه وجد من انبرى من القوم ، من يرد عليه ويحاول كفرا وعنادا وجحودا أن يدافع عن الباطل وعظيم الضلال ؟؟؟ !!!! مما دفع عليه السلام الى الرد بغضب يتفق وجلال النبوة .... قال موسى كلاما قليلا حاسما ، أنهاه بما نقل عنه من كتب التراث والسيرة " أيها القوم ماذا أنتم فاعلون مع موسى أعلم أهل الأرض ، ألا تدركون ذلك ؟؟؟؟ وتعرفون ما أحمل لكم من علم وهداية لم يحملها أحد من العالمين ، أنا موسى ابن عمران وكفى " ... وقف شيخنا الجليل لكي يعقب على هذا الموقف الجلل ، قال الشيخ " محمد الغزالي " بعد قليل من الصمت " كما ترون يأحبائي أن الغضب قد تملك من نبي الله ، فبعد أن اتخذ قراراته بنسف العجل والالقاء به في عرض اليم ، وطرد السامري ،وبأمر من الرب من رحمة رب الأرباب ، عاد " موسى " الى الدفاع عن نفسه بارساء مكانته بين قومه والا ذهبت ريحه ، فهو يدرك غرورهم ويفهم طبائعهم ، فغاد يذكرٌ بما يملكه من المعرفة والعلم لهذا القوم الجحود !!! ، لكنكم يأحبائي تجدون أن الغضب أضاع على نبي الله ما كان واجبا أن يقوله عند ذكره نعمة العلم ، فلم يرجعه الى الله والي فضل وكرم ربه وربنا !!!
وعندما سكت الغضب عن نبي الله ، وأنفض الجمع وذهب كل من أئمة قومه الى كل قبيلة من قبائل بني اسرائيل يحادثونهم بما جرى ، أسدل الليل ستائره ، وبات الليل سجى ، تغشى النبي الكريم ، كليم الله ، النوم العميق ، فبعد يوم عاصف عنيف ما ذا نتوقع ان يلم بهذا الجسد الذي مهما تعاظم في قوة البنيان وسلامة القصد وحسن الطوية ، سوى النوم كما ننام ويخضع لرحمة الله كما تهجع كل الكائنات ، وكل من يملك نفسا وروحا ... لكن روح هذا النبي الذي وصفه الله بالوجيه في الدنيا والآخرة ، ألهمها الله بالرؤية المباركة التي تثبٌته على جادة الحق ، طريق الامتثال الى عبودية الله الكاملة ، وارجاع كل فضل اليه سبحانه ، فلا رزق الا بمشيئته ولا علم الا باذنه ، ولا رحمة الا منه سبحانه وتعالى ..... نام موسى فشهد خيرا ، كل الخير ، فلم يتركه الله يقع في الخطأ والعجلة ، فلن يضيعه أبدا ، فقد هدى برحمته من قبله ون بعده سائر الأنبياء والمرسلين ، آدم عندما أخطأ وطلب الخلد من غير الله ، ونوح عندما دعا ربه بالعفو على من لا يستحق العفو، وابراهيم عندما سئل ربه كيف يحيي الخلق ويعيد الحياة للموتى ، ويعقوب عندما اصطفى يوسف بحبه ، ويوسف عندما أخذ شقيقه في معيته خلافا لاخوته الذي كادوا له كيدا ....
سكت شيخنا وترك الجميع ليستوعبوا هذا الفيض الرباني الذي نزل على سيد العلماء ... الكل بدا في حالة من الذهول على تلك البركة التي عمت المكان ، هل هي بركة مقام سيدنا الحسين ؟ أم نعمة المعرفة التي أسبغها على الشيخ ؟ أم بركة المقام والعبد معا ؟؟؟؟ .... توقف النبيل الجميل " محمد الغزالي " عن الكلام وقال بكلمات تقطر حنانا وحبا " سامحوني يأحبائي ، فقد طال الحديث معكم باكثر مما كنت أقصد ، هل محبة فيكم ، أم هي بركة الجوار لسيد شهداء شباب الجنة ، أم هي رسالة أردت منها أن تكون رسالة وداع ؟؟؟؟ أسئلة كثيرة يأحبائي لا أعرف والله ردا عليها ، ومن وموقعي هذا استسمح محبتكم أن تعطوني المزيد من كرمكم ، المزيد من الوقت حتى أبلغ الغاية ويكرمني الله معكم وبدعائكم ... سكت الشيخ وسكتنا ، ومنحنا الشيخ بعض راحه كنا لا نسعى اليها من فيض علم لا يتوقف ولا نريد أن يتوقف ، غير أن المحبة لشيخنا والرفق به صحة وعافية سبقت كل اعتبار ، وبدا الجمع في انتظار رحلة العبد الصالح مع كليم الله .....)
صلاح زكي احمد..... 17=3=2013 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق